...
لتسجيل إعجابك!!! يرجى تأكيد التسجيل من خلال اللإيميل تأكيد الحساب
لتسجيل إعجابك!!! يرجى تسجيل حسابك معنا إنشاء حساب
هناء.. الأم الضحية

فاطمة علي

هناء أم لأربعة أبناء، كبيرهم لم يتجاوز الثامنة، وصغيرهم لازال يبحث عن ثديها بين ركام الآلام …
يبكي لعل صراخه يعيد له ثدي أمه ورائحة حنانها ؛ لكنها ودعته بلا رجعة  رغما عنها ...

فارقت الحياة في ليلة قاسية كقساوة الصخر المغروس في أحشاء الارض ..
قساوة ذاك الخنجر في الذي غُرِس في ظهرها وهي متجهة الى الله رافعة يديها بأن يخفف همها ويشفي زوجها ...

مافتأت هناء تكمل دعواتها التي أختلجت في قلبها الكسير حتى تباغتها تلك اليد التي كانت يوماً ما بلسما لجراحها ويداً مبسوطة بالخير والحب اليها ...

تكررت الطعنات واحدة تلو الأخرى حتى تجاوزت الإثني عشر طعنة ..

اطلقت هناء صرخة مدوية دقت فيها ناقوس الخطر المحدق بها وأولادها الذين كانوا في الغرفةالمجاورة، لعل أحد ينقذهم. ،، 
ماإن سمع الجيران صوتها المليئ بالألم حتى هبوا نحو دارها ..

هرب زوجها بعد فعلته الشنعاء وكانت الصدمة التي لاتتحملها جبال الارض ...

هناك وثب الاطفال نحو أمهم في ذهول شديد لقد وجدوها مضرجة بالدماء حتى صرخ الأكبر: أبي ذبح أمي !!.

حاول الحاضرون انقاذها لكنها أسلمت الروح الى بارئها ، وهي تتمتم باسماء صغارها التي لم  تهنا بالحياة معهم ...
ولم يكمل صغيرها الرضعة الأخيرة ...

و بعد القاء القبض على الجاني تارة يعترف بجريمته وتارة اخرى ينكر وفي كلا الحالتين يتلوى من العويل والبكاء حتى يسقط مغشيا عليه ...
يتذكر ايام السجن والتعذيب الذي لاقاه في المعتقل خلال فترة اختطاف،،
ومامر به جعله يعاني من اضطراب نفسي فقد على أثره توازنه ...

لكن الثمن كان باهضا ..
ضياع أسرة من ستة أفراد 
وصدمة للجميع ..
كم نادت هناء  قبل رحيلها أن يتم نقل زوجها لمصحة نفسية أو يخضع لعلاج نفسي؛
لكنها في مدينة لايوجد فيها طبيب نفسي او مركز للعلاج النفسي .
رغم ان مدينتها حوت قرابة ثلاثة مليون نازح يحملون الآف القصص الحزينة  والآثار القاسية التي خلفتها الحروب ...
هذه قصة من آلاف القصص المؤلمة التي لو وجد مركز للعلاج النفسي لما وُجِدت..

تغادر الام،
وتبقى قصة أبناءها يشتكون اليتم وفقد الأم ..
وآثار صدمة نقشت على جدار قلوبهم لايمحوها طول الدهر