...
لتسجيل إعجابك!!! يرجى تأكيد التسجيل من خلال اللإيميل تأكيد الحساب
لتسجيل إعجابك!!! يرجى تسجيل حسابك معنا إنشاء حساب
أمهات قبل الأوان

قاصرات في قفص الزواج: طفولة مسروقة ومسؤوليات قاتلة

 

                 ✍️. : هدية  الجلال 

 

تجلس صامتة، تهز طفلها برتابة في حضنٍ لم يتسع له، فأصبح جزءٌ منه معلقًا في الفراغ. عيناها تائهتان لا تستقران، شاردة، منهكة دائمًا، لا تجيب إلا بكلمات مقتضبة…

هكذا وجدتُ سعاد ، تلميذتي التي درستها في الصف الرابع قبل عامين فقط.

كانت تتعلم، تلعب، وتحلم كما كل الفتيات، قبل أن تُجبر على الزواج في عمر الطفولة.

واقع قاتم ومعضلة متجذرة

زواج القاصرات يُعد من أخطر القضايا الاجتماعية في اليمن، حيث تسجل البلاد أحد أعلى معدلات تزويج الفتيات دون سن الخامسة عشرة عالميًا. تُدفع هؤلاء الطفلات إلى الزواج بدوافع مادية أو هربًا من "العار الاجتماعي"، كما يراه البعض.

يدخلن فجأة في دوامة من المسؤوليات دون تهيئة نفسية أو نضج جسدي، فينعكس ذلك في مشكلات جسدية ونفسية تطالهن وتطال أسرهن والمجتمع.

أجساد صغيرة لا تحتمل الولادة

جسديًا، تعاني الطفلات المتزوجات من مضاعفات خطيرة، أبرزها: الإجهاض، النزيف، أمراض الرحم، البواسير، بل وقد يهدد الحمل والولادة حياتهن.

أما نفسيًا، فهن عرضة لاكتئاب شديد، بما في ذلك اكتئاب ما بعد الولادة، وقد يصل الأمر إلى التفكير بالانتحار نتيجة الضغط النفسي والعاطفي الهائل.

القمع والعنف يزيدان الجرح عمقًا

تُضاف معاناة أخرى حين تتعرض الفتاة لعنف زوجي أو أسري، من ضرب وقمع وحرمان من أي دعم عاطفي أو اجتماعي. هذه المعاملة القاسية تُفاقم الأذى وتُضعف قدرتها على تربية أطفالها، بل وقد تنقل لهم مشاعر الاكتئاب والخوف

أثر اجتماعي لا يُستهان به

المجتمع بدوره يدفع الثمن: ارتفاع نسب الطلاق والعنف الأسري، انخفاض الإنتاجية، وزيادة التسرب المدرسي بين الفتيات. والنتيجة؟ ارتفاع معدلات الأمية وتراجع دور المرأة في بناء المجتمع.

الحل يبدأ من الوعي والمسؤولية

لسنا بحاجة فقط إلى قوانين تحدد السن القانونية للزواج، بل نحتاج إلى وعي مجتمعي يضع نضج الفتاة الجسدي والنفسي في الحسبان. الزواج مسؤولية ضخمة، وعلى الأهل والأزواج إدراك دورهم في دعم الفتاة ومساندتها لا دفعها نحو الهاوية.

في النهاية، لا يُبنى المجتمع إلا على أكتاف أجيال سليمة، لا فتيات محطّمات في ثياب أمهات.