...
لتسجيل إعجابك!!! يرجى تأكيد التسجيل من خلال اللإيميل تأكيد الحساب
لتسجيل إعجابك!!! يرجى تسجيل حسابك معنا إنشاء حساب
حياة مُرَّة... وأملٌ معقود

المرأة اليمنية بين مطرقة النزوح وسندان الحرب

بقلم: أمل العقيلي

في خضم أتون النزاعات والحروب التي مزّقت أوصال اليمن، تقف المرأة اليمنية شامخة كشجرة صندلٍ عتيقة، تتحمل مسؤوليات تفوق طاقتها حتى في أحلك الظروف. لم تعد مجرد ربة منزل، بل أصبحت المعيل، الحامي، والطرف الأقوى في معركة البقاء.

معركة البقاء تبدأ من الداخل

في المناطق التي اجتاحها الفقد، سواء برحيل المعيل أو إصابته، تجد المرأة نفسها في مواجهة معركة جديدة؛ معركة الحياة بكل تفاصيلها القاسية. لم يعد تأمين لقمة العيش والمأوى مهمة تشاركية، بل مسؤولية فردية أثقلتها الظروف الاستثنائية. فكيف تبدو الحياة حين تُصبح كل مهمة، مهما صغرت، معركة بحد ذاتها؟

نزوح... واقتلاع للروح

قصة النزوح ليست مجرد انتقال جغرافي، بل اقتلاع مؤلم من الجذور. الرحيل عن المنزل الذي احتضن الذكريات، وترك تفاصيل المكان الذي ألفته الروح، هو وجع لا يُضاهى. تتبعثر الأسر، وتصبح اللقاءات مجرد أملٍ بعيد، وتجد النساء أنفسهن في بيئات جديدة، خالية من الدعم، محمّلات بمسؤوليات أكبر مما يحتملنه.

المرأة النازحة تدخل أراضي جديدة خالية الوفاض، لا تملك سوى إيمانها وعزيمتها. في مجتمعات تغيب عنها فرص العمل، يتحوّل كل يوم إلى صراعٍ من أجل لقمة العيش. كيف تؤمّن الغذاء لأطفالها؟ كيف تحميهم من قسوة الطقس؟ كيف تُوفّر الرعاية الصحية في ظل الشح والحرمان؟ إنها أسئلة مؤرقة، تعكس حجم المأساة.

لا يقف الألم عند حدود الجسد والمكان. فالتبعات النفسية للنزوح، وضغط المسؤولية، والقلق المستمر على المصير، تجعل من الصحة النفسية للمرأة اليمنية جبهة أخرى تستنزفها بصمت. الوحدة والعزلة، وغياب شبكات الدعم الاجتماعي، تزيد الطين بلّة في حياة لا تعرف الاستقرار.

رغم كل شيء، تظل المرأة اليمنية في مناطق النزاع بطلة صامتة، تجسِّد أسمى معاني الصبر والتضحية. تكتب فصولًا ناصعة من تاريخ الصمود، وتزرع الأمل وسط ركام الألم. إنها تستحق أن تُروى حكايتها، وأن تُدعم بكل السبل الممكنة.

المرأة... مفتاح تعافي اليمن

دعم المرأة اليمنية في هذه المرحلة المصيرية ليس مجرد فعل إنساني، بل هو استثمار في مستقبل اليمن. فبفضل صمودها، تحمل بذور التعافي في قلب المعاناة، وتُعيد رسم خارطة الأمل في بلد أنهكته الحروب، لكنه لم يفقد قدرته على النهوض.