
أصوات من القلب: سيدات يمنيات يعدن التراث إلى الحياة
عندما يصبح الشغف رسالة
تقرير :أمةالعزيز السريحي
في عالم تتسارع فيه وتيرة التغيير، تبرز أصوات نسائية يمنية بشغف لا يُضاهى، تتجلى في كل غرزة تطريز، وكل قطعة قماش تنطق بجمال التراث العريق. سيدات يواجهن التحديات بشجاعة، يحوّلن الحلم إلى واقع ملموس، وينقلن موروث اليمن الثقافي من المحلية إلى العالمية، حيث تصبح كل قطعة أزياء قصة تروي فصولًا من التاريخ والحب.
"سجاف": من حلم بسيط إلى رسالة عالمية
تقول أشواق الصعفاني صاحبة براند "سجاف" في تركيا:
"كان حضوري لفعالية التراث العالمي في تركيا نقطة تحول في حياتي. حيث شعرت بغياب التمثيل اليمني، وكان ذلك مؤلمًا للغاية. قررت حينها أن أكون النافذة التي يطل منها تراثنا على العالم."
بدأت صاحبة "سجاف" بإحضار قطع الملابس الفضية والمطرزة من اليمن. رغم العقبات الكثيرة، مثل صعوبة الشحن وتكاليفه، استطاعت أن تضع بصمتها في مختلف الفعاليات. تضيف بفخر:
"مع مرور الوقت، أصبح عملي يمتد ليشمل ليس فقط الفعاليات المحلية، بل وصل إلى دول مثل جورجيا والسعودية. أصبح للتراث اليمني مكانه في الأعراس، الحفلات، وحتى البرامج التلفزيونية، ونسعى دائمًا للتطوير دون فقدان هويتنا."
وتختتم حديثها بشغف قائلة:
"ما أطمح إليه هو أن أُعرف العالم بجمال الموروث اليمني، وأجعل هذا التراث جزءًا لا يُنسى في ذاكرة كل من يراه."
Sirlar Sew، : التصميم من المنزل بشغف عالمي
من أمريكا، تتحدث إسرار، صاحبة براند Sirlar Sew، عن بداية رحلتها:
"بدأت من المنزل بتصميم فساتين تراثية حسب الطلب. التحديات كانت كثيرة، أبرزها ندرة الأقمشة التراثية هنا في الخارج، لكن ذلك لم يمنعني من المضي قدمًا."
إسرار تجد إلهامها من طلبات زبائنها:
"زبوناتي مصدر الإبداع. أغلب التصاميم تأخذ شكلًا جديدًا يمزج بين التراث والأناقة العصرية. أصنع دروعًا وفساتين مستوحاة من جمال تراثنا وأضيف إليها لمسات مبتكرة."
وعن رسالتها تقول:
"رسالتي لكل فتاة يمنية تواجه ظروفًا صعبة: لا تيأسي. بالإرادة والشغف يمكن أن تصنعي المستحيل. التراث بالنسبة لي ليس مجرد أزياء، بل هو رسالة حب وفخر بهويتنا اليمنية."
"البيت الصنعاني": إحياء التراث من قلب النزوح
تحكي اديبة السياغي صاحبة مشروع "البيت الصنعاني" حكايتها:
"بدأت عملي في سوق الملح بصنعاء، حيث كنت أبيع الملابس التراثية بالجملة. بعد أن انتقلت إلى مأرب، قررت متابعة عملي من منزلي في السويداء، ورغم بُعده عن المدينة، تمكنت من بناء قاعدة جديدة من الزبائن."
وتتحدث عن شعبية الأزياء التراثية:
"اليوم، التراث جزء لا يتجزأ من الأعراس والمناسبات. العرائس يخصصن أول يوم من الزفاف للملابس التقليدية، وحتى الفتيات الصغيرات أبدين اهتمامًا بالتصاميم التراثية."
وعن التحدي بين التطوير والحفاظ على الأصالة تقول:
"نحاول دائمًا المزج بين الحداثة والهوية. الفساتين المطورة والدروع المستوحاة من أزياء صنعاء تحظى بإقبال واسع. لكل قطعة قصة، ولكل تصميم روح تحمل عبق الماضي بروح عصرية."
التراث اليمني: شغف يتجاوز الحدود
من تركيا وأمريكا إلى مأرب، تعكس قصص هؤلاء النساء اليمنيات قوة الإبداع والإصرار. مشاريعهن ليست مجرد عمل، بل هي رسائل حب للأجيال القادمة، وشهادات حية على أن التراث اليمني قادر على عبور الحدود ليصبح لغة عالمية تُلهم الجميع.
هؤلاء النساء أعطين التراث صوتًا ينبض بالحياة، وأثبتن أن كل غرزة وكل تصميم يمكن أن يحكي قصة أمة تحمل في طياتها عراقة الماضي وجمال المستقبل.