
بقلم: أمة المجيد أحمد
شهدت الآونة الأخيرة عدد من جرائم القتل التي ترتكبها النساء، وهو ما أثار ردود فعل واسعة في المجتمع. فلطالما كانت الجرائم مرتبطة بالصورة النمطية للرجل، لكن ما الذي يدفع المرأة، الكائن العاطفي الرقيق، للتخلي عن طبيعتها واتخاذها للجريمة سبيلاً، متخلية عن عاطفتها وإنسانيتها؟
تتعدد الأسباب التي قد تدفع الأنثى إلى ارتكاب مثل هذه الجرائم، حيث تتداخل العوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية في كثير من الأحيان. وتؤكد المرشدة النفسية والاجتماعية فاطمة الحرازي أن العنف الأسري يعد من أبرز الدوافع التي تؤدي إلى ارتكاب المرأة للجريمة. فقد تتعرض المرأة لحالة من الاضطراب النفسي والجفاف العاطفي داخل أسرتها، ما يدفعها للبحث عما يعوضها عاطفيا خارج نطاق العائلة، وهو ما قد يؤدي إلى تعرضها للابتزاز. وفي بعض الحالات، تجد المرأة نفسها مجبرة على تنفيذ جريمة القتل بناءً على ابتزاز من شخص أو مجموعة.
من الحالات التي توضح ذلك، قصة (م. ع.)، التي كانت تعمل في إحدى الوظائف وتعرفت على شاب نشأت بينهما علاقة عاطفية، استغلها هذا الشاب في جريمة قتل صديق له بسبب خلافات شخصية. وقد تم استدراج الضحية وقتله، ليتم لاحقًا محاكمتهما وتنفيذ حكم الإعدام .
وفي دراسة أجرتها جامعة ميشيغان تشير إلى أن 60% من النساء اللواتي ارتكبن جرائم قتل ضد أزواجهن أو آخرين كن ضحايا لعنف أسري طويل الأمد. وتشير الدراسة إلى أن أولئك النساء شعرن بعدم وجود خيار آخر لحماية أنفسهن، بسبب تجاهل الشكاوى القانونية وعدم وجود دعم من الأسرة أو المجتمع.
إضافة إلى ذلك، تساهم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة في تأجيج العنف، لا سيما في مناطق النزاع. فقد تجد المرأة نفسها مضطرة للانتقال من حياة مستقرة إلى مخيمات لجوء، حيث تفتقر إلى مقومات الحياة الأساسية، أو فقدان معيلها مما يضاعف من مسؤولياتها. في هذه الظروف القاسية، قد تلجأ بعض النساء للانضمام إلى عصابات إجرامية لتلبية احتياجات أبنائها، مما يعرضهن للانزلاق في عالم الجريمة.
وبحسب دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية كشفت عن علاقة واضحة بين الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع معدلات الجرائم التي ترتكبها النساء. ففي ظل الضغوط المالية، قد تنفذ المرأة أفعالاً عنيفة ضد أفراد عائلتها أو الآخرين.
وأحيانًا، تجد المرأة نفسها مضطرة لتنفيذ جريمة القتل بتوجيه من عائلتها. ففي إحدى الحالات، قامت أسرة باستغلال إحدى بناتها لتنفيذ جريمة قتل ضد ثلاثة أشخاص كانت بينهم ثارات قديمة. وتم تزويد الفتاة بمسدس كاتم صوت، وأُدخلت إلى أحد المستشفيات لتنفيذ المهمة، حيث قامت بإطلاق النار على الضحايا وقتلهم.
ورغم تعدد هذه الدوافع، فإنها لا تبرر بأي حال من الأحوال ارتكاب الجريمة. لذا، يتعين على المجتمع معالجة هذه الأسباب والحد من تأثيراتها السلبية، وذلك من خلال تعزيز الوعي الأسري بأهمية تربية الفتاة منذ الصغر على الثقة ، وإشباع حاجتها العاطفية، فضلاً عن توفير الأمان الأسري الذي يجعلها تشعر بالراحة والاطمئنان في حال تعرضها لأي مشكلة أو ابتزاز.