
المرأة تتحدث/ هالة محمد الجرادي
العنف ضد المرأة هو أحد الآليات الاجتماعية الحاسمة التي تضطر المرأة إلى الخضوع. ويعتبر العنف ضد المرأة انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان كونها نصف المجتمع واللبنة الأساسية لتكوين الأسرة. وتتشابك الأبعاد الثقافية والاجتماعية بشكل وثيق مع مشكلة العنف ضد المرأة.
تعاني المرأة في المجتمع اليمني من التمييز ضد النوع الاجتماعي، تفضيل يقوم على أساس الجنس البيولوجي، مما يؤدي إلى تقييد الفرص والموارد المتاحة للنساء مقارنة بالرجال..
وفي ظل الصراع الدائر في اليمن، اتسعت رقعة العنف ضد المرأة من عنف أسري ومنزلي إلى عنف مجتمعي وسياسي. وهذه الانتهاكات لحقوق الإنسان لا تهدد حياة المرأة وحسب، وإنما تقوض أيضاً النسيج الاجتماعي وتعرقل جهود السلام وتمكين المرأة مجتمعياً.
تعتبر اليمن واحدة من البلدان التي تشهد مستويات عالية من العنف ضد المرأة، وذلك نتيجة لعدة عوامل اجتماعية وثقافية واقتصادية وتشريعية.
تواجه المرأة اليمنية تحديات كبيرة في مواجهة العنف،
وتسهم المفاهيم التقليدية للنوع الاجتماعي في التمييز وفرض
قيود على المجتمعات المحلية.
و تشكو النساء اليمنيات من التعرض للعنف الجسدي من قبل الأزواج والأهالي وسط غياب القوانين، وتقاعس السلطات المعنية في بلد احتل المرتبة الأخيرة في مؤشر الفجوة بين الجنسين، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لمدة 13 سنة متتالية. وكشف تقرير لمنظمة أوكسفام أن 56% من النساء اليمنيات يتعرضن للعنف الجسدي. ومن أكثر حالات العنف انتشارًا في المجتمع اليمني الزواج المبكر: حيث تقوم بعض الأسر اليمنية بتزويج الفتيات في سن مبكر.
في الخامسة عشرة من عمرها تزوجت نوال وعاشت في إحدى المناطق المكتظة بالسكان، وكثيرا ما كان يسمع الجيران صوت صراخها بشكل هستيري، ولم يكن أحد يتجرأ على التدخل معتبرين ذلك اقتحامًا لخصوصية أصحاب المنزل، إلى أن اشتد الحال بنوال وحاولت الهروب ولجأت إلى الجيران لإنقاذها، ليتضح أنها كانت تعاني من تعذيب جسدي وضرب مبرح من قبل زوجها ووالده ووالدته لسبب لم يعرفه أحد، وتم إبلاغ قسم الشرطة وإنقاذ الفتاة من براثنهم.
أنواع العنف ضد المرأة
العنف الجسدي، العنف النفسي
العنف الجنسي: وهو أخطر أنواع العنف، الاغتصاب، والتحرش، والزواج القسري، وقتل النساء بدعوى (جرائم الشرف).
العنف الاقتصادي: حرمان المرأة من الموارد المالية، السيطرة على دخلها،.
العنف القانوني: وهو سلب المرأة حقها من الميراث، والتلاعب بالأوراق في إثبات حقها. وهذا النوع من العنف منتشر بشكل كبير في المناطق الريفية لعدم تمكين النساء من امتلاك الأراضي. وتقول س، م فتاة يتيمة اضطرت للعيش مع أخيها وزوجته بعد وفاة والديها إنها تعرضت للعنف من قبل أخيها لأخذ ميراثها وكذلك تم تلفيق تهمة لها للتخلص منها والزج بها في السجن المركزي.
آثار العنف على المرأة والمجتمع
آثار نفسية: تشمل الاكتئاب، والقلق، ، وفقدان الثقة بالنفس،
الآثار الجسدية: الإصابة بالأمراض المزمنة، وإصابات جسدية خطيرة،
الآثار الاجتماعية: العزلة، وصعوبة بناء علاقات سوية، والحرمان من التعليم. تدهور العلاقات الأسرية وكثرة المشاكل والخصومات داخل الأسرة، وانعكاس كل ذلك بشكل سلبي على الأطفال
وساهمت الحرب المستعرة منذ سنوات في ارتفاع مستوى العنف الجسدي ضد المرأة بنسبة 63%. تعددت أشكاله بين قتل وتعذيب واختفاء قسري واعتقال تعسفي وتقييد حركتهن. وتعاني النساء ذوات الخلفية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المتواضعة من العنف والتمييز أكثر من غيرهن.
تمثل النساء والأطفال نسبة 80% من النازحين داخليًا نتيجة الصراع الدائر. ومن الطبيعي أن تدمر الحرب كل ما هو مدني وتدفع بالاقتصاد إلى الانهيار والنظام السياسي إلى التشظي وتلغي حقوق الإنسان بالمجمل والنساء بالأخص
القانون ومناهضة العنف ضد المرأة:
على الرغم مما حققته المرأة من إنجازات كبيرة خلال فترة الاستقرار في العقود الماضية، إلا أن فوضى الصراع كشفت عن أن المرأة لا تحظى بنص قانوني يجرم العنف المنزلي والأسري ضدها، واعتبر ذلك شأنًا خاصًا بالأسرة. وضحت ذلك المحامية مرام دماج، أنه لا يوجد نص صريح في القانون اليمني يجرم العنف المنزلي والأسري ضد المرأة. فالعنف ضد المرأة ممارسة شائعة في اليمن، ويُرتكب على أيدي الأسرة والمجتمع، ولا يوجد قانون محدد يحمي النساء من العنف في اليمن.
وعلى الرغم من توقيع اليمن على معاهدات واتفاقيات من شأنها أن تحمي المرأة من التمييز وتقلل حدة العنف الذكوري تجاهها، لكن هذا الأمر لا يُطبق فعلاً على أرض الواقع.
ولا يوجد قانون محدد يحمي النساء من العنف . فقانون العقوبات اليمني يحرم الأذى الجسدي ولكنه لا يأتي على ذكر العنف المنزلي (جسدي أو نفسي)
ولمعالجة هذا العنف الموجه تجاه المرأة اليمنية يكون بسن قوانين صريحة للحد من الجرائم وفي النادر ما تلجأ النساء للقضاء في حال تعرضهن للعنف الأسري والمنزلي.
الإسلام وحماية المرأة من العنف:
الإسلام رفع مكانة المرأة وكفل لها حقوقها وحماها من أي اعتداء أو عنف، قال الله تعالى في محكم آياته: (وعاشروهن بالمعروف). وأوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنساء قائلاً: (رفقًا بالقوارير). حتى في حال زواج الرجل بالثانية، وضع لذلك الأمر ضوابط ومحاذير: (وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة). وحدد لها نصيب شرعي في الميراث: وكان أسمى من أي قوانين سُنّت على الأرض.التصدي للعنف؛
مكافحة العنف ضد المرأة في اليمن تتطلب جهودًا متعددة الأطراف ومستمرة. ويجب أن تكون هناك رؤية شاملة لتحقيق المساواة والعدالة للمرأة اليمنية، وضمان حقوقها الأساسية وحمايتها من العنف وتشجيعها على المشاركة الفعالة في المجتمع. تطوير السياسات والقوانين التي تجرّم العنف ضد المرأة.