
تقرير/ هالة محمد الجرادي
شهدت الآونة الأخيرة هجرة المئات من النساء اليمنيات إلى دول العالم المختلفة، ومثلت هذه الخطوة نقلة نوعية في حياة المرأة اليمنية؛ اذ تعتبر هجرة المرأة ظاهرة معقدة تتقاطع فيها الدوافع الإجتماعية والإقتصادية والسياسية مع عادات وتقاليد المجتمع اليمني، و واجه استقرارها في الخارج الكثير من المصاعب والتحديات؛ وادى خروجها عن مجمتعها الى مجتمع مغاير الى قلق اسرتها ومجتمعها ككل، لكنها استطاعت تجاوزها ورسم صورة مختلفة عن المرأة اليمنية.
وكان لدخول المرأة معترك الهجرة أسباب كثيرة منها تردّي الأوضاع الأمنية - فقد كانت المرأة اليمنية تحظى بمكانة مرموقة في المجتمع اليمني وإجلال منقطع النظير - إلى أن تغيّر الوضع بعد اندلاع الحرب في البلاد و التي جرّدت المرأة من حقوقها وأسقطت مكانتها الاجتماعية، وفرضت عليها قيود محكمة وإجراءات تعسّفية شملت الإعتقال والإختطاف والتعذيب النفسي والجسدي وجرائم تنكيل واتّهامات مغرضة.
كلّ تلك الأسباب أجبرت الكثير من النساء على مغادرة البلاد، خاصة بعد إتساع دائرة العنف في معظم المحافظات اليمنية.
وأضاف تدنّي الوضع الاقتصادي وقلّة فرص العمل وخروج معظم المدارس عن الخدمة وانهيار المنظومة الصحية في المدن والقرى والمناطق النائية عبئا يثقل كاهل المرأة ويدفع بها لمغادرة الوطن بحثا عن فرص عمل لحياة كريمة.
*تحديات لا تعرقل النجاح*
واجهت النساء خلال رحلة الهجرة صعوبات وعراقيل منها الحصول على تأشيرة السفر وفيزة العمل خاصةً واليمن يمر بحالة حرب صنعت من كل يمني خارج الوطن لاجئاً،
وكذلك صعوبة الاندماج في المجتمعات الجديدة مع إختلاف اللغة والثقافة والدين،
والتمييز في الجنس والنوع .
التعامل السيئ كونها لاجئةً،
وغياب دور الدولة في متابعة أوضاع المغتربين ومعالجة مشاكلهم وتسهيل معاملاتهم،
وصعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية والمهمة كالتعليم والصحة، الحفاظ على الهوية والثقافة، واختلاف العادات والتقاليد من مجتمع إلى آخر.
تقول الدكتورة نبيلة سعيد (إعلامية تقطن في تركيا)عن أهم التحديات: إن الواقع الجديد في حد ذاته تحدٍ خاصّة إذا كان بدون سابق ترتيب ووضعاً مجبرًا على فعله. كذلك الموارد وهذه معضلة يعاني منها جلّ اليمنيين بسبب ضعف الإستراتيجية المالية؛ إذ تحتاج لتعامل بحنكة وذكاء مع تلك الأوضاع والترتيب لاستكمال الدراسة والتأهيل.
وأشارت الدكتورة نبيلة إلى ضعف التأهيل في جوانب مطلوبة في بلاد المهجر كاللغة والإحاطة بالأتمتة والتعامل مع التكنولوجيا بطريقة سهلة، موضحة بقولها: "فرص العمل تتواجد ولكن الأهم أن نكون مستعدين لها نفسيًا وجسديا وذهنيًا".
ولم تعق الدكتورة نبيلة هذه التحديات بل صنعت منها هاما في عالم الإعلام أنشأت كثيرا من المبادرات الطوعية الشبابية لتأهيل الشباب في الخارج وفي اليمن منها (بيت النجاح اليمني) لتأهيل الشباب وتدريبهم، وكذلك مبادرة أثير وهي حقوقية إعلامية تعمل على مناهضة العنف، وأصدرت كتابًا بعنوان (نساء فوق الرماد).
*نموذج مشرق*
صنعت المرأة اليمنية نموذجًا مشرفًا كامرأة عاملة في مجالات عدة ، وأثبتت قدرتها في المهجر على تحمل الصعاب وجسدت الصورة الحقيقية للمرأة اليمنية في العمل على شق طريق النجاح، وسجلت حضورًا بارزًا في سلم النجاحات الدولية.
الدكتورة "رحمة الغيلي" هي طبيبة يمنية تعيش في بريطانيا متمسكة بمبادئها وقيمها تعمل على تقديم النصائح الطبية عبر مواقع التواصل الاجتماعي مما يساعد المرضى على الشفاء من الأمراض المزمنة بطرق أمنة.
تعرضت الغيلي لتهديدات بسبب تحدثها عن التعليم في بريطانيا وعن قلقها على ابنها من الأفكار التي يتلقاها في المدرسة التي لا تتناسب مع معتقداتنا، وكيف اضطرت لاحضار معلمة خصوصية إلى المنزل لضمان تعليمه بشكل مناسب فكريًا ودينيًا وثقافيًا.
*نساء يمنيات يبحثن عن السلام*
عملت النساء اليمنيات على إرساء قيم السلام ونقل حقيقية ما يحدث في الداخل اليمني من إنتهاكات ضد المرأة اليمنية التي ترقى إلى جرائم حرب، وذلك خلال مشاركتها في المؤتمرات والندوات والفعاليات الدولية، وكان لأصواتهن المنددة بالإنتهاكات صدى في قلب المحافل الدولية والمنظمات الحقوقية.
وقد ساعد ذلك أيضا على كشف الحقائق ودفع بالمنظمات الإنسانية إلى العمل على تقديم المساعدة والرعاية لكثير من النساء النازحات والأطفال الأيتام وضحايا العنف في مختلف المناطق اليمنية.
*مجتمعات أكثر رحابة*
هجرة المرأة اليمنية فتحت أمامها أفاقا واسعة لأثبات قدراتها واكتسابها خبرات ولغات وتنمية مهاراتها ورفع مستواها التعليمي والعملي واستقت من تجارب المجتمعات تجربة فريدة ورغم كل العراقيل التي تقف في طريق المهاجرة اليمنية فإن روح التحدي أسقطت كل المعيقات ودفعت بها نحو مستقبل أفضل.
أوضحت ر.م طبيبة يمنية في ألمانيا أن المجتمع الألماني مجتمع منظم وراق يعلم ما له وما عليه، لا تضيع لديه الحقوق. يهتم بالجانب العلمي ولا يكترث للجانب العاطفي، مستوى التعليم عال جداً إلا أن افكارهم ومعتقداتهم تتنافى مع قيمنا الدينية مما يجعلنا في حالة قلق على اطفالنا في المدارس ونحاول تحسين مفاهيمهم لتلك الأفكار المغلوطة، ونعاني من العنصرية ضد النساء المحجبات التي تقلل من فرصنا في العمل إذا يعتبرون الحجاب رمزا دينيا.
*المرأة في المهجر أحتياجات وأولويات*
يجب العمل على أيجاد آلية جادة لمساندة المرأة خارج الوطن وتفعيل دور المنظمات الإنسانية لدعمها وتقديم الخدمات الأساسية، والمحافظة على حقوقها القانونية.
والأهم أن تقوم الدولة بواجبها نحو المرأة اليمنية وتسهيل معاملاتها عن طريق السفارات والقنصليات وتحمل المسئولية الكاملة تجاه المغترب اليمني.